كتب شهيد داوود في ميدل إيست مونيتور أن جراح حرب أهلية استمرت 14 عامًا ظهرت بوضوح في دمشق، حيث انهارت مبانٍ أو غطتها آثار النيران، بينما بدت العاصمة وكأنها تستعيد أنفاسها. وصل الكاتب في 8 مارس، بعد ثلاثة أشهر من سقوط نظام بشار الأسد، ليرصد بلدًا يخرج من ديكتاتورية طويلة نحو مستقبل غامض تحت قيادة أحمد الشرع، الرئيس المؤقت وعضو القاعدة السابق.

أوضح التقرير أن الانتقال السياسي لم يكن سلميًا. الفراغ الذي خلّفه سقوط الأسد استغلته إسرائيل بغزو منطقة الفصل في الجولان، في خطوة أدانتها الأمم المتحدة. توجه الكاتب إلى المنطقة بعد سماعه عن اعتقال الجيش الإسرائيلي صحفيًا هناك، ورصد الحواجز والصمت الموحش على الطرقات، ثم واجه مشاهد دبابات إسرائيلية متمركزة لبث الرعب بين الأهالي.

حذّره السكان من التصوير خشية رد فعل قاتل، لكنه التقط صورًا سرعان ما دفع المراهقون المحليون إلى مطالبته بالرحيل خوفًا من انتقام الاحتلال.

يشير التقرير إلى أن توغل إسرائيل لم يفاجئ السوريين، لكن استجابة الشرع الباهتة أثارت قلقًا. برر الأهالي موقفه بعجز سوريا العسكري أو خشيتهم أن أي إدانة علنية قد تعرقل رفع العقوبات الأمريكية. غير أن الجميع اتفق على أن الخط الأحمر هو التطبيع مع إسرائيل، وهو احتمال رفضوه تمامًا.

رغم ذلك، حصل الشرع على إجماع شعبي واسع. قال مدير مدرسة للكاتب: "كما كان المسيح مخلصًا للمسيحيين، نرى نحن أحمد الشرع كذلك". يعكس هذا المستوى من التقديس مزيجًا من إعجاب بقراراته وارتياح كبير للخلاص من حكم الأسد.

أضاف التقرير أن مرحلة ما بعد الأسد غذّت العنف الطائفي. أبدى مسيحي من حي باب توما قلقه خلال جولة في دمشق، ليس خوفًا على حياته، بل خشية فقدان التنوع الذي ميّز المجتمع السوري. شمالًا، اندلعت مواجهات دموية بين موالين للنظام وقوات الأمن، أعقبتها عمليات إعدام نفذها مسلحون ضد علويين في الساحل.

في مدينة بانياس، التقى الكاتب بأسرة علوية روت مأساة دامية. قالت دينا إن حياتهم انقلبت خلال يومين فقط. اقتحم مسلحون منزلهم واتهموهم بالمشاركة في جرائم النظام، سرقوا سيارة شقيقها، ثم أتى فريق آخر بحثًا عن سلاح. لكن المجموعة الثالثة أعدمت شقيقها وزوج شقيقتها أمام أعينهم بطلقة في العنق.

أكدت دينا أن سوريا تحولت إلى "حمام دم". جلست شقيقتها أرملة وحامل تبكي زوجها، بينما لجأت الأسرة إلى جيران سنة وفروا لهم الحماية. شددت دينا على أن المعتدين "إسلاميون متطرفون" لا يمثلون جيرانها من السنة.

ترك الكاتب الأسرة وسط الحداد والجيران يتوافدون للعزاء، فيما ظهرت على الحي آثار التمرد: مبانٍ مخربة، سيارات محروقة، وحشود حول شاحنات الإغاثة.

يخلص التقرير إلى أن طريق تعافي سوريا محفوف بالصعاب. على شعب أنهكته دكتاتورية الأسد أن يعلّق آماله على قائد جديد، لكن فرحة فريق لا يمكن أن تقوم على مآسي آخرين. يرى الكاتب أن التعافي يتطلب صدقًا ورحمة، وأن قصص دينا وآلاف السوريين تجسد صمود أمة عازمة على مداواة جراحها وبناء مستقبل أفضل.

https://www.middleeastmonitor.com/20250926-after-assad-syrias-struggle-with-invasion-division-and-a-new-leader/